
المهدية
المهدية هي مدينة مغربية ساحلية، على مصب نهر سبو، بجهة الغرب
الشراردة بني حسن. عرف موقع المهدية (الذي سمي أيضا بالمعمورة) منذ
القرن الخامس ق.م، و منذ القرن الثاني عشر، اشتهرت بقصبتها العسكرية،
التي شيدها يعقوب المنصور الموحدي، و بمينائها العسكري الذي كان مصنعا
و منطلقا للسفن الموحدية المتجهة نحو الأندلس. تناوب على احتلالها بعد
ذلك البرتغاليون (1515) و القراصنة الأوروبيون (الهولنديون و الفلامانيون) في
نهاية القرن 16، ثم الإسبان سنة 1614، قبل أن يسترجعها السلطان العلوي
مولاي إسماعيل سنة 1681
هي حاليا بلدية حضرية، ضمن مجال إقليم القنيطرة، و تبعد عن العاصمة
الرباط بحوالي 30 كلم، و عن مدينة القنيطرة ب 12 كلم. بلغ عدد سكانها
16262 نسمة حسب إحصاء 2004، و تعتمد المدينة حاليا في اقتصادها على
الصيد البحري، إضافة إلى النشاط السياحي، حيث تشتهر المهدية بكونها
مهد رياضة ركوب الأمواج بالمغرب][
من العصور القديمة إلى القرن 16 يجد المؤرخون صعوبة في إعادة تشكيل
التسلسل التاريخي لتسميات و مواقع الحواضر و الموانئ النهرية التي شيدت
في منطقة مصب نهر سبو. عرفت منطقة المصب بأهميتها الاستراتيجية
و الاقتصادية لدى مختلف الحضارات المتعاقبة، بفضل سهولة الملاحة النهرية
(التي تمتد على مسافة 80 كلم من المجرى النهائي للنهر)، و أيضا لتواجد المنطقة في محيط غابوي مهم (غابة المعمورة)، التي وفرت المواد الأولية لصناعة السفن من أخشاب و حبال؛ إضافة إلى دورها التاريخي كمركز للتجارة و تصدير المنتجات الزراعية لمنطقة الغرب. يرجح المؤرخون بأن تكون المهدية هي حاضرة تيمياطريا (و تعني الطبق الخزفي) التي شيدها المستكشف القرطاجي حانون في القرن الخامس ق.م، على مصب نهر سبو. في القرن الأول، شيد الرومان ميناء ثاموسيداالنهري (المتواجد على مسافة 23 كلم من المهدية)، و الذي كان المنفذ البحري لمدينة وليلي، و ظل نشيطا إلى غاية سنة 282 م، أما موقع المهدية، الحالية فعرف لدى الرومان بتسمية سوبور. أقدم الإشارات التاريخية العربية للموقع ترجع إلى القرن العاشر الميلادي، بأسماء "المعمورة" أو "الحلق" أو "حلق سبو". ذكر لابن عذاري المراكشي|ابن عذاري المراكشي إسم "المعمورة" في كتابه "المعجب في تلخيص أخبار المغرب" كتسمية لمصب نهر سبو في المحيط الأطلسي.يرجع بعض المؤرخين (و ضمنهم أبو القاسم الزياني) تأسيس المدينة إلى بني يفرن، في القرن العاشر الميلادي، قبل أن يبسط المرابطون حكمهم على منطقة الغرب الإسلامي. ورد ذكرها في كتاب "الحلل الموشية" كمكان لقاء الملك المرابطي يوسف بن تاشفين بأمير غرناطة المعتمد بن عباد. انطلاقا من العصر الموحدي، في القرن 12،
أصبحت المعمورة ميناء عسكريا مهما، و منطلقا للحملات العسكرية على
الأندلس[1]، حيث قام عبد المومن بن علي ببناء 120 مركبا بها[5]؛ و علاوة على
دورها العسكري، استمرت في لعب دور نقطة التبادل و التواصل التجاري و
الدبلوماسي مع الأوروبيين.[5] خلال العهد المريني، تم تدمير المدينة خلال
الحرب الأهلية التي عرفها المغرب خلال عهد الملك المريني أبو سعيد
عثمان بن أحمد[5] (1398-1421). استمرت المنطقة خالية من أي مظهر
عمراني، إلى غاية الاحتلال البرتغالي سنة 1515. بين القرنين 16 و 18 في سنة
1515، في عهد الملك البرتغالي مانويل الأول، و في سياق احتلالهم لمجموعة
من المواقع الأطلسية المغربية، احتل البرتغاليون موقع المعمورة و قاموا
بتحصينه بأسوار دفاعية، و سموها ساو جواو دا مامورا (بالبرتغالية
: Sao Joao Da Maamora)مكثت تجريدة القائد البرتغالي أنطونيو دي مورونيا،
يوما فقط في الموقع، قبل أن يتم القضاء عليها من طرف الجيش الوطاسي
لمحمد البرتقالي، في تدخل أسفر عن مقتل 4000 جندي برتغالي. أصبحت
المعمورة نقطة انطلاق أنشطة قرصنة بحرية، في نهاية القرن السادس عشر،
و جذبت قراصنة فلامانيين و هولنديين و إنجليز، استفادوا من التحصين
الطبيعي للميناء النهري. من أشهر القراصنة الذين كانوا ينشطون في المنطقة
القبطان الإنجليزي هنري ماينورينغ. أثرت أنشطة القرصنة على الملاحة التجارية الإسبانية، مما دفع الإسبان لاحتلال العرائش في 1610، ثم مهاجمتهم للمعمورة في 1614، بدعم من الأسطول الهولندي الذي حاصر الموقع من جهة البحر. احتل الإسبان الموقع و غيروا اسمه إلى سان ميغيل دي أولطرامار (بالإسبانية: San Miguel de Ultramar)، و ثبتوا حامية عسكرية ب 1500 جندي. كانت الدولة المغربية في تلك الفترة تمر بمرحلة ضعف داخلي، تلت وفاة أحمد المنصور الذهبي، و اندلاع حرب أهلية بين زيدان الناصر و الشيخ المأمون حول الحكم، و كان تسليم الثغور للإسبان ثمنا لدعم الإسبان لطرفي الصراع في مراحل مختلفة. امتد الوجود
الإسباني في المعمورة بين 1614 و 1681، و رغم ضعف الدولة المركزية
بالمغرب خلال هذه الفترة، إلا أن الوجود الإسباني لم يكن مستقرا، إذ تمكن
محمد العياشي، الذي كان يتخذ من سلا منطلقا لعملياته العسكرية، من
محاصرة الإسبان و هزيمتهم بالمعمورة، بدعم من موريسكيي قصبة الأوداية
و القراصنة الإنجليز. سيطر العياشي لفترة قصيرة على الموقع، قبل
أن تختل من جديد التحالفات السياسية في مصب نهر أبي رقراق، بعد انفصال
جمهورية بورقراق، ليتخلى عن الموقع لفائدة الإسبان. استمرت المحاولات
المغربية لاسترجاع الموقع، طيلة القرن السابع عشر، و بلغت ذروتها في عهد
السلطان مولاي إسماعيل. كانت مجموعة من الفرق العسكرية ترابط في
موقع المهدية و تخوض مناوشات عسكرية مع الحامية الإسبانية، من أهمها
التجريدة السلاوية بقيادة أحمد حجي، و تجريدة الفحص و الريف بقيادة عمر
بن حدو البطيوي. في 1681، دخل مولاي إسماعيل القصبة و سماها
المهدية[7]، نظرا لأهمية الغنائم التي وجدت في الموقع. بعد استرجاعها، عين
علي بن حدو الريفي قائدا على المهدية، و قام بتعميرها عبر بناء مسجد
و قصر و حمام و سجن، و تحولت إلى قصبة مخزنية مهمة مهمتها نأمين الطرق
التجارية بين فاس و مكناس إلى مراكش، عبر الرباط و سلا.[15] بين القرنين
18 و 20 الاحتلال الفرنسي لموقع المهدية في عهد السلطان مولاي سليمان،
الذي عرف سياسة احترازية صارمة، تم إيقاف أنشطة الأساطيل المغربية، حتى لا تكون ذريعة للاحتلال الأوروبي، و كان ميناء المهدية من بين المواقع التي تم إغلاقها، سنة 1795، مما أدى إلى تراجع أهمية هذه الحاضرة. في 1912، كانت المهدية نقطة إنزال للقوات الفرنسية المحتلة للمغرب، بعد توقيع معاهدة الحماية. بعد بناء مدينة القنيطرة، سنة 1913، من طرف الفرنسيين (و التي كانت تسمى ميناء ليوطي)، أصبح لموقع المهدية مكانة ثانوية و هامشية بين حواضر منطقة مصب نهر سبو.في 1942، و خلال الحرب العالمية الثانية، قامت قوات الحلفاء بإنزال 9000 جندي، عبر 19 ناقلة، في موقع المهدية، في إطار عملية الشعلة,
و تعتبر مدينة المهدية المدينة الوحيدة بالمملكة المغربية التي تتوفر على تلاث عناصرطبيعية , وهي البحر من جهة الغرب, واد سبو من جهة الشمالية و محمية سيدي بوغابة من الجنوب الغربي كما تحاصرها غابة معمورة من الجهات الاخرى
محمية سيدي بوغابة محمية تقع على مقربة من مدينة المهدية ، تبلغ
مساحة المحمية الإجمالية 650 هكتارا مكسوة بالغابة، و110 هكتارات تغطيها
بحيرة ذات ماء عذب. يقطنها أكثر من 205 أنواع من الطيور، منها 137 نوعا
بصفة مستمرة و37 نوعا قاريا. تتواجد فيها أنواع من الشجر والحيوانات التي
عاشت منذ مليوني سنة حية موجودة بالمكان. تعتبر بحيرتها آخر بحيرة للمياه
العذبة الجوفية بالشاطئ الغربي للمغرب.
الزيتون البري والرطم والدرو والغد والبروق والعرعر الأحمر. أشجار توجد
بالمحمية إلى جانب 210 أنواع من النباتات البرية. وعلى هذه الأشجار توجد
أنواع من الأشنة والفطر بكثرة، وهي كائنات بدائية ومعقدة مشكلة من
فطريات وطحالب. طيور البط الأخضر العنق والحذف الرخامي والغرة
القرناء والدجاجة الزرقاء وبومة المستنقعات الأفريقية، طيور نادرة على
الصعيدين العالمي والأفريقي. على شاطئ البحيرة تكثر نباتات أخرى مثل الأسل والسمار والسوسن المائي والبردي وغيرها. وتشاهد بالبحيرة حيوانات باستمرار كالقنية والأرنب والفأر والزبانة والسرعوب والسلحفاة والحرباء والحية وغيرها، فضلا عن أكثر من 140 من اللافقاريات.]



